النعوش العائمة: بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم

النعوش العائمة

"المسافة بين الموت والحياة؛ كالتى بين المعدية وطوق النجاة"... بهذه العبارة التى تشبه العبارة الغارقة فى محيط الإهمال والفساد؛ نطق لسان أحد العباد كالعادة؛ مطالبين السادة والسيدات النواب؛ باتخاذ ما يلزم من اهتمام بحالهم الذى يدعو للرثاء، وتخليصهم من هذا الخطر التى يهدد حياتهم صباح مساء....

لم يكن عبد التواب؛ هو أول أو آخر من اعتاد؛ ركوب تلك المعدية فى الذهاب والإياب... ولا أول من سقط له فى المياه ابن أو أب؛ أو أخت أو أخ؛ أو خال أوعم... فجميع أبناء القرية فى هذا الهم سواء بسواء...

فى مصاطب العزاء؛ يطفو الحديث عن ضرورة إنشاء كوبرى يربط بين شط الديرة وشط الخلفاء... ثم تعود الأمور لما كانت عليه؛ فى انتظار حادث جديد يجمعهم إليه؛ فيكررون ما كان؛ فى انتظار ما يخبئه الزمان...

على بعد أميال؛ لم يكن الحال مختلفاً عن هذا الحال؛ ففى صنصفط وبرهيم بالمنوفية؛ سقطت معدية؛ بحمولتها القوية (سيارة محملة بـ 19 فرد من العمالة الزراعية)؛ فمات من مات؛ ونجا من كتبت له الحياة...

(من رأى بلوة سواه؛ هانت عليه بلواه) بهذا المثل الحكيم؛ نطق عبد العليم؛ فأخبر الحاضرين بمأساة أخرى من مآسى المعديات؛ لينسيهم بعض حزنهم على من غرق من ذويهم ومات:

ألم تسمعوا عما حدث فى كفر الشيخ ذات صباح؛ عندما انقلب مركب يستقله 25 تلميذا من تلاميذ مدرسة النجاح؛ وما حدث فى محافظة بنى سويف؛ من حادث عنيف؛ يتمثل فى سقوط أتوبيس يه 25 شخصاً أثناء عبوره بمعدية؛ من الجهة الغربية إلى الجهة الشرقية؛ وكانوا فى طريقهم لزيارة القبور وأهلها؛ فأضحوا فى دقائق معدودات من سكانها!!

مصمص الجميع شفاههم؛ ولووا أعناقهم يمنة ويسره متأثرين؛ بما رواه لهم عبد العليم؛ ثم طلبوا منه كتابة شكوى يوقع عليها الأهالى الآن؛ ويرسلوها إلى معالى المسئول؛ لعلها تنول بعض الاهتمام...

جاءت الشكوى فى سطور قليلة؛ كوسيلة من وسائل التعبير عن تلك المعاناة؛ بدأوها ببسم الله:

وبعد الدباجة؛ أعلنوا أنهم فى حاجة إلى استبدال كوبرى بهذه المعديات؛ التى هى عبارة عن مراكب أو قوارب أو لنشات قديمة؛ غير مرخصة من أى جهة معلومة؛ ولا تخضع لمعايير السلامة والأمان؛ ولا الصيانة والاهتمام؛ ويقودها صبية صغار؛ يكدسونها فيعرضونها بحمولتها الكبيرة للأخطار؛ فهى معديات الموت فى مياه النيل العظيم؛ نلتمس منكم قرار حكيم؛ بإنقاذنا وأهلنا فى كل قرية مصرية؛ تستخدم حتى الآن المعدية؛ بضرور إنشاء كبارى حديدية...

وما هى إلا ساعات حتى وقف نائبهم الهمام؛ بينهم باهتمام؛ يعيد على مسامعهم الآن؛ الوعد الذى وعدهم إياه فى الانتخابات الماضية؛ بوعد وعهد جديد؛ وتأكيد على تحقيق ما يريده أبناء كفر سعيد؛ وذلك فى القريب بإذن الله... 
..................

http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/12/23/280654.html