Subscribe:
Happy Chinese New Year

السبت، 1 سبتمبر 2012

كلام × كلام: بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم



كلام × كلام


عندما حجبت السحب ضوء الشمس؛ تكاثر الهمس بين البشر، وشعروا بالخطر؛ فراحوا يتناقلون الأمر فى شكل خبر؛ عنوانه مثير: (صراع كبير بين الشمس والسحاب)؛ فدخل من باب حب الاستطلاع؛ بعض الأصدقاء والأتباع؛ فأضافوا إلى ماجاء أعلاه؛ المزيد من الأنباء المفتراه... حتى دفعهم خيالهم المريض؛ إلى تصور جديد؛ لأمطار سقطت من السماء فى مكان بعيد مجهول؛ بلون الدماء الحمراء؛ كما يدعون!...

هكذا انتقل الخبر ككرة الثلج، أو بالأحرى ككرة اللهب؛ وما يدعو للعجب؛ أن الجميع يدركون بشكل قاطع وبات؛ خطورة الشائعات؛ لكنهم يلوكونها صباح مساء دون التفات لأخطارها على الأفراد والمجتمعات...

وهاهم يجتمعون؛ أمام التلفزيون فى آخر النهار؛ لمعرفة الأخبار... فإن أتت صريحة واضحة؛ منعتهم من ممارسة هوايتهم الجامحة، وإن جاءت مبهمة ومن وراء ستار؛ فُتح المجال أمام الخيال للتصور والابتكار....

جاء الأستاذ مختار متأخراً وقد انقلب وجهه البشوش إلى عبوس... فسأله محروس ـ المعروف بثقل دمه ـ عن سبب حزنه وهمه، وراح يلقى على سمعه النكات؛ التى لم تلق منه أى التفات.... جلس مختار جلسة الوقور، ثم صاح فى الحضور:

ـ ألا هل علمتم ما يحزننى وما يؤلمنى؟!

فى صوت جماعى واحد:

ـ خير؟... أخبرنا يا أستاذ

أجاب بقرف شديد واشمئزاز:

ـ من أين يأتى الخير أيها الأخوة والأخوات؛ والبلد كلها مليئة بالشائعات!

هرش أحدهم رأسه وسأل:

ـ شائعات؟... ماذا تعنى كلمة شائعات؟

فأجاب:
ـ الشائعة يا أحباب هى خبر أو مجموعة أخبار زائفة يأتى بها كذاب؛ وتدخل من باب فضول الأهل والأصحاب، الذين يسعون لمعرفة الأسرار، وما وراء حجاب وأسوار...

انتفض أحدهم وقال:

ـ لم تعد فى الدنيا أسرار يا أستاذ مختار؛ أنا ابنى الحبيب؛ دخل على الانترنت العجيب، ورأى فيه أخبار من هنا وهناك؛ تُكتب فى روايات، وكل شىء موجود... (وحياة ربنا المعبود)....

هز مختار رأسه، ويده مُرافقة؛ معلناُ الموافقة على ما أبداه صاحب الرؤية الموفقة... ثم نطق بهذا التصريح:

ـ ليس كل ما يُنشر على الانترنت بصحيح؛ لابد من التدقيق والتوضيح... فإن ما نعانى منه الآن؛ سببه حالة التخبط والتوهان؛ التى فتحت المجال أمام اختلاط الحقائق بالشائعات؛ على نحو بات فيه الإنسان؛ عرضة للأزمات، وحالات الانفلات، وعدم الشعور بالأمان...     

أصاخ الحضور إلى كلامه، وراحوا يبادرون بسؤاله؛ عن أنواع الشائعات وخطرها، وكيف يمكن التصدى لها ومقاومتها.... فأحالهم إلى كتاب ارتآه، جاء فى محتواه:

ـ أنواع الشائعات منها:
الشائعة الزاحفة: التى يتناقلها الناس همساً وبطريقة سرية، وتزحف حتى يعرفها جميع من فى البرية، وهى قصص عدائية، توجه نحو رجال الحكومة والمسئولين لتلطيخ سمعتهم السياسية، أو قصص تروج فى مجتمعاتها؛ لعرقلة التقدم السياسى أو الاقتصادى أو الاجتماعى بها، ويستمرون فى تغذيتها، واستمرار نشرها...
شائعات العنف: تتصف بالعنف الشديد، وتنتشر بشكل سريع ورهيب، وتغطى من المجتمع مساحة كبيرة؛ وهى الشائعة المثيرة الأثيرة؛ التى تروج لحوادث وكوارث مؤلمة وحزينة، او انتصارات باهرة او هزيمة؛ فى زمن الحروب العظيمة، وتبدأ بشحن معنوى، ورد فعل فورى قوى...
الشائعات الغائصة أو الغاطسة: وهى نوع من أنواع الشائعات، تروج فى أول الأمر بقوة وثبات، ثم تغوص تحت السطح غطوسها؛ وعندما تتهيأ الظروف تعلن ظهورها...

ويستمر مختار؛ فى اختيار صفحات من هذا الكتاب الهام؛ الذى يحوى أهم المعلومات؛ عن الشائعات؛ فيقرأ:

ـ إن أهم مقومات الشائعات: الأهمية والغموض، وقد وضع العالمان (ألبورت وبوستمان) معادلة رياضية؛ توضح تلك النظرية: شدة الشائعة = الأهمية + الغموض....

ولأن الحديث عن الشائعات؛ حديث بلا حدود؛ فقد اكتفى بالمعروض من معلومات، وحث الحضور بالذات على مقاومة تلك الشائعات؛ التى تؤثر على معنويات الأفراد فى المجتمعات؛ بما يشبه تأثير الزلازل والمتفجرات...
................
http://pulpit.alwatanvoice.com/articles/2012/12/25/280786.html

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق