Subscribe:
Happy Chinese New Year

السبت، 27 أكتوبر 2012

سوق الغلابة: بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم



سوق الغلابة

من شرفة شقتى الزوجية؛ المطلة على منطقة عشوائية؛ رحت أرقب المشهد الأسبوعى الرهيب؛ لسوق الغلابة العجيب:
  
مواطنون يشترون هياكل الدجاج وعظام اللحوم... فخلت أنهم سيطعمون بها قططتهم وكلابهم؛ غير أن تلك الظنون خابت خيبة قوية؛ عندما تذكرت حالتهم المعيشية؛ التى يحيونها فى عشوائيات؛ أشبه بمساكن الأموات...    

آخرون يحيطون من كل الجهات؛ بصوانى مخلفات وفضلات مصانع الحلويات؛ وقد حط عليها الذباب بالمئات؛ وكأنى بهم يشترون الأمراض بما تبقى لديهم من فتات النقود.

وعلى امتداد البصر هناك؛ كانت حركة المرور فى ارتباك؛ بسبب اعتداء سوق الملابس القديمة بشكل تام؛ على جل الطريق العام...

استفزنى المشهد ولم أتمالك نفسى عندما رأيتهم؛ ووجدتنى أمشى متوجهة نحوهم..... موجهة لهم أسئلة تشبه الاستجواب؛ من باب حرصى عليهم من الأمراض؛ فحتى تلك الملابس القديمة؛ قد تنقل لهم أمراضاً جلدية لعينة...

غير أن إجاباتهم الضمنية؛ عبرت عنها نظراتهم الموحية بالفقر والعوز التام؛ فمنهم الموظف العام الذى لا يكفيه راتبه الشهرى سوى أيام؛ يعود بعدها للاستدانه بلا قدرة على السداد؛ أو الذلة والمهانة وطرق الأبواب؛ لتلك الأسواق المفتوحة أمامه دون تردد أو ارتياب....

مشهد تقشعر منه الأبدان، ولا يرضى عنه الرحمن؛ لإنسان رأيته على هذا الحال من البؤس والشقاء؛ فسألته عن الهوية والانتماء... فأجاب:

ـ أنا المواطن المهدود، ذو الدخل المحدود؛ فى بلد النيل الممدود؛ والخصب المعهود، والخير المنهوب، والظلم المجلوب، والحق المطلوب بذلة وانكسار، والراضى بما تجلبه الأقدار والمكتوب.....!!
................

 

الاثنين، 1 أكتوبر 2012

الثروة المهدرة: بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم



الثروة المهدرة


قبل موعد الندوة بساعات؛ أبدى الشاب البديع ـ المسمى ربيع ـ  الكثير من الاعتراضات؛ خصوصاً عندما علم أن الندوة الحالية تدعو للاستفادة من المخلفات... فقد خلط برؤيتة السياسية؛ بين موضوع المخلفات البيئية التى يمكن إعادة تدويرها، وبين مخلفات العصور البائدة؛ التى كانت سائدة؛ فى مجتمعاتها؛ والتى ثارت ضدها وأقصتها شعوبها عن حكمها؛ ولا يمكن إعادة تدويرها بحال من الأحوال...

بدأت الندوة التى كان شعارها: "من لا يحافظ على ثروته؛ لا يستحقها"... فذكر الخبير الاقتصادى الكبير؛ أن ثرواتنا الطبيعية؛ لا تقتصر على ما فى باطن الأرض المصرية؛ لكنها تمتد لتشمل تلك الثروة التى فوقها؛ والتى نفرط فيها ونهدرها، ولا نقدرها بقيمتها وقدرها؛ بل نستهين بها منتهى الاستهانة، ولعلكم تعلمون ما هى؟؛ إنها القمامة...

علت وجوه الحضور الدهشة والاستغراب؛ وشعروا بالضيق والانزعاج؛ وبدأوا يتهامسون بينهم وبين بعضهم؛ متأهبين للخروج من الباب؛ والهروب من هذا الكلام (العجب العجاب)!

شعر الاقتصادى الكبير بما يخالجهم من شعور؛ فقدم لهم فى سطور؛ بعض المعلومات الهامة؛ حول تلك القمامة التى استهانوا بها؛ وتعجبوا من أن تختص تلك الندوة بشأنها؛ فقال:

ـ إننا ننفق 5 مليار جنيه كل عام؛ للتخلص من القمامة المتراكمة فى كل مكان، دون الاستفادة منها؛ أو استخدام التكنولوجيا لإعادة تدويرها... علماً بأن مصانع التدوير قادرة فى وقت قصير؛ على توليد كهرباء تفوق إنتاج السد العالى الكبير... فإذا كان لدينا فى مصر 27 مليون طن قمامة فى العام؛ فلنا أن نتصور قيمة هذه الثروة الآن؛ لو أحسنا الاستخدام...

رفع أحد الحضور يده فى استئذان؛ مبدياً إعجابه بهذا الكلام؛ مشيراً باهتمام:

ـ هذا معناه؛ أن تتحول النقمة إلى نعمة؛ بفضل الله، ونتخلص من تلك المعاناة، التى نعانى منها بفعل تلك المخلفات، والتى تعد مرتعاً للفئران والحشرات؛ وجالبة للعديد من الأمراض الصحية، والمشكلات البيئية، فضلاً عن تلك المصروفات التى تعد بالمليارات؛ لمجرد التخلص منها فى مدافن النفايات... ولكن لى سؤال: ما المنتجات التى يمكن أن يخرجها التدوير، ويستفيد منها الغنى والفقير على حد سواء، غير الكهرباء؟

أعجب الخبير بهذا التفاعل الهام؛ وراح يجيب على هذا السؤال:

ـ أمامى تقرير أعده الزميل الكيميائى المصرى (خالد العشرى) جاء فيه: إن حجم المخلفات الصلبة من القمامة فى مصر يبلغ 58 ألف طن فى العام، فى حين ما يعاد تدويره لا يتعدى 20%، ويذكر أيضاً أن المخلفات الزراعية 52 مليون طن فى العام، وأن فى حالة إعادة تدوير 50% من المخلفات الزراعية ستحصل مصر على مجموعة من العوائد الاقتصاية سنويا؛ منها الحصول على طاقة البيوغاز بما يعادل 2،6 مليون طن، و 19،8 مليون طن من السماد العضوى، ومليون طن سوبر فوسفات، و541 ألف طن من سماد نترات الأمونيوم...

وبجدوى اقتصادية؛ فإن عملية التدوير إذا تمت بشكل صحيح 100%؛ فستوفر 180 مليار جنيه من العملة المصرية...

ثم أنهى الخبير ندوته بسؤال: إذا كانت الصين وتركيا والعديد من الدول الشرقية والغربية؛ قد استفادت من مخلفاتها فى مجالات عديدة؛ فهل تعجز مصر عن الاستفادة من ثرواتها المهدرة استفادة رشيدة؟!

وبعد انتهاء الندوة؛ ما زال يتردد السؤال: لم لا ؟!!
.....................

طفل الضياع: بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم



طفل الضياع


ظلت ترقبه من بعيد؛ فهو وليدها الوحيد الذى ألقت به أمام بيت من بيوت الله؛ رغبة فى إبقائه على قيد الحياة؛ بعد أن تخلى عنه وعنها من خدعها بقوله، وأوقعها فى حبه؛ وتزوجها زواجاً لا يحمله مسئولية؛ وغير مدون فى وثائق رسمية؛ فضاعت حقوقها الشرعية فى نسب المولود للحبيب المحبوب؛ الذى لاذ بالهروب، وتنكر لها، وتركها مكرهة على إقصاء وليدها؛ المحتاج لرعايتها وعطفها وحنانها....

خرج المصلون فرادى وجماعات؛ من المسجد الذى بات؛ حضناً كبيراً لوليدها الصغير؛ وهى ترقب من بعيد ما ينتظره من مصير؛ وقلبها يتمزق، ودمعها الغزير ينزف حزناً وألماً؛ بعد أن ذهبت السكرة، وجاءت العبرة...

امتدت يد مؤمنة حانية إليه، فأشفقت عليه؛ من أن تأكله الكلاب الضالة؛ بعد أن ألقت به قلوب ضالة تحكمت فيها الشهوة الجنسية، دون وازع من رقابة أسرية، أو خشية من تقاليد وأعراف مجتمعية، أو التزام بأوامر ونواهى دينية شرعية....

حمل قلبها بحمله له؛ بعيداً عنها بسلام وأمان؛ متجهاً به نحو ملجأ من ملاجىء الأيتام؛ التى اكتظت بضحايا من الجنسين؛ بشكل يمزق القلب ويدمى العين....

وهناك كانت تقف صحفية من صحفيات جريدة مشهورة؛ تُعد تحقيقاً عن تلك الظاهرة الخطيرة، التى لم تعد مقصورة على طبقة بعينها من الطبقات، أو فئة من الفئات، بل امتدت لتشمل بعض طلبة وطالبات الجامعات...

هكذا ذكرت الصحفية فى بداية تحقيقها، الذى تناول حوارها مع المسئولين وأولياء الأمور؛ الذين غاب دورهم عن مراقبة أبنائهم؛ فى ظل سفرهم وابتعادهم، أو وجودهم وانشغالهم....

وقد حذر التحقيق من وقوع كارثة مجتمعية؛ بسبب هذا الزواج العرفى الفظيع؛ الذى يترك آثاره السيئة على الجميع بلا استثناء؛ وطالب بعدة أمور؛ من بينها معالجة مشكلتى البطالة، وارتفاع المهور... والتوعية الدينية والرقابة الأسرية، وحظر المشاهد المثيرة للغرائز الجنسية من القنوات التلفزيونية....

ثم التقطت عدسة مصور الجريدة صورة فوتوغرافية قريبة؛ للوليد الجديد، وكتبوا تحتها ببنط عريض (طفل الضياع).
.............

 

الميزان: بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم



الميزان



وقف السلطان ناظراً إلى رعيته؛ مستمراً فى قهره وديكتاتوريته؛ مستغلاً أسوأ استغلال لنفوذه وسلطته... فأراد بقوة وعنفوان؛ أن تميل كفة الميزان نحو ظلمه وعدوانيته...

"لا طاعة لمخلوق ـ مهما كان ـ فى معصية الحق الرحيم الرحمن"؛ هكذا أبى الميزان طاعة السلطان...

وسجل التاريخ ما كان؛ بحروف من نور؛ ليكون عبرة للبشرية جمعاء فى كل مكان، على مر العصور.
..............................