Subscribe:
Happy Chinese New Year

الخميس، 1 نوفمبر 2012

السم القاتل: بقلم بنت الطبيعة الدكتورة مرفت محرم



السم القاتل


بلغة عربية سليمة؛ نطقت الأرض الزراعية الحكيمة؛ باتهامها الصريح؛ لفلاحها الفصيح؛ الذى سمم نباتاتها الحبيبة؛ بسموم مهلكة بغيضة...

فتقدم المتهم بمذكرة دفاعية؛ توضح للمحكمة ذات الاختصاصات الزراعية؛ أن استخدامه للمبيدات؛ غرضه مكافحة الآفات والحشرات؛ التى تؤذى النباتات... وفى نهاية تفنيده للاتهام؛ وجه سؤاله الهام:

ـ كيف تتهمون المدافع عن النبات، والمحصن له من الآفات والحشرات؛ بأنه الساعى لتسميمها، وتدميرها؛ وهو الحريص على معافاتها ونموها... وأنتم تعلمون علم اليقين بأن هذا الحرص والاهتمام الكبير؛  سيعود عليه باستمرار؛ بمحصول وفير وثمار؟!

كشرت الأرض عن أنيابها من جديد، وانتابتها حالة من الغضب الشديد؛ حين وجدته يحيد عن الدقة والتحديد؛ لنوع وكمية المبيد المستخدم، وعدم التفرقة بين ما يضر وما يفيد.... فقالت لمن يريد معرفة الحقيقة:

ـ إن ما حصل؛ هو أن هذا المتهم؛ قد وضع السم فى العسل؛ ليأكله الحيوان والبشر؛ فيحدث الخطر بأبشع وسيلة، وأدهى حيلة، وأغرب سبب.....

أرادت المحكمة المزيد من الإيضاح والتبيان، والإفصاح الصريح المستند إلى أدلة اتهام؛ وألا يكون الكلام مرسلاً على عواهنه بهذا الشكل المطلق العام...

فأعطت الأرض الطيبة أوراق النبات وثمارها، ونتائج الاختبارات وتحليلها؛ لمحاميها المترافع عنها، والمتحدث باسمها... فقال:

ـ لقد تبين يا سيادة الرئيس؛ أن هذا (الحريص) على مصلحة النبات؛ قد فاته أن متبقيات المبيدات؛ من تلك الملوثات الكيميائية؛ تنتقل إلى الأغذية الحيوانية والبشرية؛ فتؤدى إلى أمراض سرطانية... وطبقاً لنتائج تحليلات عينات عشوائية ـ مثبتة فى أوراق الدعوى القضائية ـ فقد لوحظ تجاوزها للحدود القصوى التى حددتها المنظمات والهيئات الصحية العالمية... وهذا تقرير ممهور بتوقيع الأستاذ الدكتور سميح منصور خبير السموم ومتبقيات المبيدات؛ يشير بشكل خطير إلى استخدام عبوات الأيثيون؛ فى تلوين المانجو بهذا المبيد الحشرى شديد السمية؛ الذى يتسبب فى العديد من الأمراض المستعصية؛ كالفشل الكلوى والكبدى، وغيرهما... ولا يفوتنى أن أشير ـ طبقاً لما ذكره الخبير ـ إلى أن هذا المبيد الخطير محرم استخدامه دولياً....

وبعد أن تقدم إلى المحكمة بهذا التقرير المفيد؛ قرأ هذا التقرير الجديد:

ـ إن بعض معدومى الضمير؛ يستخدمون مبيد خطير؛ هو الدى دى تى  فى رش البطاطس وتخزين الغلال؛ وهو ما يُعد بحق الوبال الكبير فى هذا المجال؛ حيث أن هذا المبيد شديد السمية؛ وقاتل فى الحال؛ بلا شك ولا جدال... ثم تقدم بتقرير من مستشفى كبير؛ يفيد بوفاة مواطنين متأثرين بهذا المبيد الخطير....

ثم صمت المحامى الكبير؛ المستحق لهذه الصفه؛ صمت جميل سبق العاصفة:

ـ من الطعام إلى الشراب فى الحياة؛ تعددت أنواع الأمراض المؤدية للوفاة؛ وأضحى المواطن فى ظل هذا الإهمال؛ يشترى المرض بالمال... فقد امتدت اليد الآثمة المجرمة؛ لتلويث منتجات الألبان؛ فأدخلت مادة الفورمالين المحظور استخدامها فى الشراب أو الطعام... كما أن بعض المطاعم والمحال؛ تستخدم البيروسول فى القضاء على الذباب؛ وهو ما يؤدى للعديد من الأمراض الصـ....

قاطعته المحكمة:

ـ تلك قضية ليست تابعة؛ لموضوع المرافعة...

فقال متفهماً الأسباب القانونية؛ التى تمنعه من الخروج عن نطاق تلك القضية:

ـ سيدى الرئيس... أركز الآن على موضوع الألبان؛ المرتبط بقضيتنا المعروضة الآن... فالأعشاب والنباتات الملوثة بالمبيدات والتى يتناولها الحيوان؛ يمتد تلوثها إلى اللحوم والألبان؛ فتصيب الإنسان بأمراض عديدة؛ على رأسها السرطان.... وهذا تقرير يفيد استخدام مبيد الأندرين المحرم استخدامه منذ 30 عام ومبيدات الفلوميثرين والثيهالوثرين؛ وجدت فى منتجات ألبان بالعديد من المحافظات بنسبة تشكل خطراً داهماً على صحة وحياة المواطنين؛ كما توضح البيانات الواردة فى هذا التقرير الخطير...    

انتفضت الأرض الطيبة لتحية محاميها؛ والمدافع عن نبتيها:(النبات) و(الإنسان) الذى من طينها كان، وإلى حضنها المآل...

فى نهاية مرافعته المطلوبة؛ طالب بتوقيع أقصى عقوبة؛ على المتهم باستقدام واستخدام تلك المبيدات؛ الضارة بصحة وحياة الإنسان... وضرورة الرقابة الصارمة على كل المحاصيل والمنتجات الغذائية؛ ووضع تشريعات وقوانين حاسمة للقضاء بصورة نهائية؛ على هذه الفوضى الدائمة فى استخدام المبيدات المسرطنة...

استطاع الجمهور؛ المتابع لما يدور داخل المحكمة الزراعية؛ عبر وسائل الإعلام المرئية الفضائية؛ أن يتفاعل مع هذا المحامى الهمام؛ فانطلق منهم الثوار نحو الميدان رافعين شعار: (الشعب يريد تطهير الطعام)
................

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق